Murad Tribe ~{احد مؤسسي الموقع}~
عدد المشاركات : 429 تاريخ الانظمام : 19/10/2010 نقـاطك : 1011
التقــييم : 1 دولتي : الجنــس : المزاج : my mms :
| موضوع: نبذه عن الظاهر بيبرس من دون هزيمة في حياته الخميس نوفمبر 04, 2010 12:24 pm | |
| السلام عليكم
من أبرز مشاكل أهل المشرق عامة أحادية النظر في تقييم الأشخاص، فإن قبلنا إنسانًا جعلناه بريئًا من العيوب، بل ونجعل سيئاته حسنات، وإن كان موقفنا عكس ذلك جعلناه شيطانًا مريدًا، ولذا نرى أحد أبرز مفكري الإسلام في القرن العشرين - الشيخ محمد عبده - يرى أن الشرق لن يصلح من حاله إلا " مستبد عادل "، ويا له من وصف غريب!! وجمع لمتناقضين في الصفات عجيب، وكأنه يصف شخصًا ليس من بني البشر، فإن النفس المستبدة قلما تقبل النصح أو تذعن لحق يخالف مصلحتها، والعادل يبحث عمن يراجعه ويرده للحق، وحتى نقيم البرهان على صدق ما ذهبنا إليه، نعرض لسيرة هذا الملك الذي لم يهزم قط في معركة دخلها وهو بدوره يجمع المتناقضات التي أشار إليها الشيخ محمد عبده. ركن الدين بيبرس كان مولده بمنطقة القبجاق بجوار نهر الفولجا بوسط آسيا، وكان ذلك - على الأرجح - حوالي 620هـ/1223م، وقد أُخذ من بلاده وبيع بدمشق لرجل يسمى "العماد الصايغ"، ثم اشتراه الأمير علاء الدين أيدكين والمعروف باسم البندقداري، ومنه أخذ بيبرس لقب البندقداري (من الغريب أن هذا الأمير صار من أتباع بيبرس بعد توليه ملك مصر)، وقد قبض الملك نجم الدين أيوب على الأمير علاء الدين وصادر أملاكه وضم إليه مماليكه، فكان منهم بيبرس، وقد عمل بيبرس تحت قيادة الفارس أقطاي ضمن المماليك البحرية في بلاط نجم الدين أيوب، ترجع تسمية المماليك البحرية إلى أن نجم الدين أيوب أخذ منهم فرقة للأسطول فعرفوا باسم البحرية، كما أنه أسكنهم جزيرة الروضة وحشدهم بها. ظهر نجم بيبرس أثناء الحملة الصليبية السابعة، وبالتحديد في وقعة المنصورة (649هـ-1250م)، وفيها استطاع قادة المماليك وعلى رأسهم بيبرس من رد الهجوم الصليبي، وتعقب الصليبيين حتى معسكرهم، ومواصلة الليل بالنهار في القتال، وانتهى الأمر بالقضاء على الحملة، وأسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة. وعلى مستوى الصراعات الداخلية اشترك مع قائده أقطاي في قتل توران شاه آخر ملوك بني أيوب، وما لبث أقطاي إلا قليلاً حتى ذاق من نفس الكأس فاغتيل على يد قطز بأمر من أيبك، ففر بيبرس إلى الشام، ثم عاد في سلطنة قطز، وتولى شئون الجند، واشترك في موقعة عين جالوت (658هـ-1260م) وتعقب الجيش المغولي مع طائفة من الجند الأشداء حتى أخرجهم من حلب ودمشق، ودفعه الطمع في طريق العودة إلى مصر إلى قتل قائده الملك المظفر قطز، ودخل القاهرة ليلاً والناس مستعدون لاستقبال القائد المنتصر قطز، وأرسل المنادي مع ضوء النهار ينادي: " ترحموا على الملك المظفر قطز، وادعوا بالنصر للملك الظاهر بيبرس " فكان بذلك الرابع من الملوك من ذوي الأصل المملوكي، وكان ذلك في 15 من ذي القعدة 658هـ/1260م. بيبرس والأوضاع الداخلية كان بيبرس أول من استوعب من ملوك المماليك وضعهم، وذلك من حيث إنهم دولة جديدة مغايرة لدولة بني أيوب، ومن ثم شرع في تنظيم شئون البلاد المختلفة، ومن أبرز الأمور ترتيبه القضاء بحيث يقوم عليه أربعة قضاة -قاضٍ لكل مذهب- ولكن المشكلة الأساسية التي اتجه إليها بيبرس هي شرعية سلطة المماليك. وبدأ بيبرس بمشكلة المال فبدأ تخفيف الضرائب والمكوس عن الشعب، ومن ثم تقبلته الرعية المهمومة بقوت يومها، ثم نظم أمور المماليك وكان يعاملهم بالرغبة والرهبة، وكان لا يلزمهم أمرًا حتى يكون أسبقهم إليه، فنراه يعمل مع أمراء جنده في حفر خندق حول إحدى القلاع في الشام، وعندما يشكو بعض أمرائه يرد عليهم بأن حاله من حالهم . أما مع العلماء، فقد كان متشددًا، لا يقبل منهم شفاعة أو نصيحة إلا نادرًا أو مضطرًا، حتى أنه اشتد على "الشيخ العز بن عبد السلام"، فعزم الشيخ على مغادرة القاهرة، فحمل متاعه على حمار وسار وأهله يقصد الرحيل، فما يمر على بيت ويعلم أهله الخبر حتى يحملوا متاعهم ويسيروا خلفه، حتى بدا الأمر وكأن أهل القاهرة يتجهون للهجرة مع الشيخ!! فنصح الأمراء بيبرس بضرورة ترضية الشيخ وإلا صار حاكمًا على خرائب القاهرة وكلابها، فأرسل في طلبه، فرفض الشيخ، فأسرع إليه وظل به حتى وافق الشيخ على العودة على أن ترفع المظالم، فأقره بيبرس على ما يريد، وقد أرسل الشيخ "النووي" من الشام برسالة ينصحه فيها، فاشتد بيبرس عليه في الرد وهدده وسخر منه لقعوده عن الجهاد، فرد عليه الشيخ "النووي" ردًا مفحمًا شديدًا . أما المشكلة الكبرى المتمثلة في شرعية السلطة فقد استطاع بيبرس أن يجد لها حلاً عبقريًّا، إذ أتى بأحد الغلمان الفارين من آل العباس، وأثبت نسبه، ثم أقامه كخليفة عباسي بالقاهرة، وبايعه هو والأمراء والرعية، ثم حمل هذا الخليفة على أن يفوضه في إدارة كافة شئون البلاد، وصار الخليفة بلا سلطان، وصار هذا هو النظام المتبع في تولي شئون البلاد، وصار الدعاء على المنابر للخليفة العباسي والسلطان المملوكي معًا، وتضرب العملة كذلك باسميهما معًا. ومما يذكر له أنه أغلق حانات الخمر وحرمها وأغلق بيوت " الخطا " وهي بيوت لممارسة الزنا، وأبطل الضرائب التي كانت تحصل منهم، وفرض لهم من بيت المال ما يسد حاجتهم حتى لا يعودوا لهذه الأعمال.
بيبرس والأوضاع الخارجية لقد كان بيبرس قريبًا من السلطة فترة من الزمن، كما أن خروجه إلى الشام - بعد مقتل قائده أقطاي - أضاف لخبرته في الشئون الخارجية. لم تأخذ بيبرس نشوة النصر في عين جالوت، إذ كان يعلم أن خطر التتار ما زال قائمًا في الشام، ويكمن إلى جواره الخطر الصليبي في أرض فلسطين، ولم يكن بيبرس من الحكام الذين يجيدون فنًا دون فن، فكما كان فارسًا، شجاعًا، مقدامًا، سريع الحركة، قوى الشكيمة؛ كان سياسيًّا بارعًا في الشئون الخارجية، إذ يعلم بدخول طائفة من التتر في الإسلام، وهم يقيمون في موطنه الأصلي بمنطقة القفجاق، وعلى رأسهم الملك "بركة خان" الذي أشهر إسلامه، وأسلمت معه القبيلة الذهبية من التتار ؛ فتزوج من أخت بركة خان وأنجب منها ولي العهد "بركة". كما استقدم أحد أقربائه للبلاط السلطاني وقربه منه، مما كان له أثره في قيام تحالف بين "بركة خان" وخلفائه من بعده وبين الظاهر بيبرس وسلاطين المماليك، وصار ذلك أحد المحاور الثابتة في سياسة المماليك الخارجية، وقد شرع بعد ذلك بيبرس في مهاجمة حصون الصليبيين في سرعة وقوة، فكان لا يسير بسياسة مهاجمة الحصون القريبة دون البعيدة، بل صار - أحيانًا - يهاجم الأبعد دون الأقرب، وذلك حتى يحتاط كل معسكر صليبي لنفسه، فلا يفكروا في مساندة بعضهم بعضًا، ولذلك نرى فتوحاته في فترة حكمه هي: قيسارية، وأرسوف، وصفد، وطبرية، ويافا، والشقيف، وإنطاكية، وبغراس، والقصير، وحصن الأكراد، والقرين، وحصن عكا، وصافيشا، والمرقبة، وحلباء، وبانياس، وطرسوس، وكانت كلها بأيدي الصليبيين، هذا غير المدن والقلاع التي كانت بأيدي التتار. وقد توجه بيبرس في عام 675هـ/1277 إلى الشام حيث قضى على مشروع التحالف المغولي الصليبي بقيادة أبغا بن هولاكو، وكانت موقعة أبلستين ضد الصليبيين ثم ضد التتار من الوقائع المؤثرة في تاريخ المنطقة، إذ لم تقم للتتار بعدها قائمة، كما تم القضاء على مشروع التحالف المغولي الصليبي إلى الأبد. وفاة الملك الظاهر يروى "بيبرس داودار" في تاريخه الذي وصف فيه أيام عمله كأمين للسر بقصر الظاهر بيبرس، أن الملك الظاهر كان يهتم بالنظر في النجوم، وأحوال الفلك، ظنًا منه أنها تظهر بعضاً من الغيب، فحدث في عودته من موقعته التي قضى فيها على التحالف المغولي الصليبي، خسف للقمر، فقال المتأولون: هذا نذير بموت رجل جليل القدر، فخاف على نفسه، فأرسل في طلب أحد كبار رجال البيت الأيوبي ويُسمى الملك القاهر بهاء الدين بن المعظم عيسى، وقد كانت بينهم وحشة، وأراد بيبرس أن ينصرف التأويل إلى هذا الرجل، فجاءه الملك القاهر فقدم له بيبرس كأسًا مسمومًا، فأحس بها الملك القاهر بعد شربها فخرج على الفور ولم يتمها، فأمر بيبرس الساقي أن يصب له شرابًا، فأخطأ الساقي وصب له في نفس الكأس المسمومة، فشرب بيبرس السم الذي وضعه بيده، فكان الجزاء من جنس العمل، فأصابته الحمى أيامًا، ثم مات متأثرًا بها، وقام جنوده بنقله إلى القاهرة، ودخلوا به ليلاً لدفنه، كما دخل هو ليلاً عشية قتله الملك المظفر قطز
| |
|