اللغة الارامية :
يعتقد كثيرون ان اللغة الارامية هي اللغة التي تكلم بها المسيح عليه السلام
، ويحتسبون ذلك على ااساس ان هذه اللغة هي التي كانت تنتشر في طول هذه
البلاد وعرضها منذ القرن الثامن قبل الميلاد والتي استمرت بعد ميلاد المسيح
بمئتي عام على الاقل ، وتقول كتب التاريخ ان هذه اللغة انتشرت من الهند
الى مصر يتمثل ذلك في الشبه بلفظ الكلمات بين الهيراطيه والهيروغليفية
واليونانية مقارنة مع الارامية ( ونحن نعتقد انها وصلت الى فرنسا مرورا
بالمغرب العرب واسبانيا ) (( في نحو عام 500 ق.م. اصبحت الارامية التي كانت
لغة تجارة لاحدى الجماعات السورية ليس فقط اللغة العامة للتجارة والحضارة
والحكومة في بلاد الهلال الخصيب كلها بل اللغة التي يستعملها سكان تلك
البلاد في كلامهم .... وقبل ان يسمى الاراميين بهذا الاسم كانوا قبائل رحل
في بادية شمالي الجزيرة العربية))-(2) ان اسم الاراميين لا تستقيم قراءته
بشكل صحيح الا اذا استعملنا الابدال اللفظي بين الباء والميم الذي كان
حاصلا عند احد الشعوب الشقيقة للاراميين في ذلك الزمن وهم ( الاشوريين )
فيصبح اسمهم ( الارابيين ) ، في عام 1100 ق. م. اكتسبت هذه القبائل اسمها
من التسمية التي اطلقها عليها تغلات فيلاسر حيث ذكرهم هو وحلفاؤه في حملاته
في منطقة اسماها ( مات اريمي )، مما جعل المؤرخين يطلقون عليها اسم بلاد
الاراميين الاصلية، وبالابدال تصبح ( بات اريبي ) وهو ما معناه بلغة اهل
البلاد ( بيت العرب- بيت عريبي) ولقد وصفهم تغلات فيلاسر بقوله (( لقد زحفت
الى وسط ( الاكلامي الاراميين )اعداء الاله (اشور) سيدي ))- واللفظ الصحيح
لهذه الكلمات هو ( الاكلابي الارابيين- و هم العرب من بني كلاب ) وهذا
يعطينا فكرة واضحة ان الاختلاف بين الاشوريين و الاراميين لم يكن في اللغة
بل في الاعتقاد والدين ، حيث ان الاراميين ( ومنهم المسيح ) كانوا دائما في
حرب مستمرة مع الوثنيين الذين يسكنون في طول البلاد وعرضها و يبدو ان
الاشوريين كانوا من هؤلاء الوثنيين ، وعبارة ( مات اريمي ) التي وردت في
حولياته قد يفهم منها ان الاشوريين هاجموا ( البيت الحرام ) اذا فهمناها
على اساس ( بيت حريمي ) علما ان لفظ ( بيت حريبي ) يفيد المعنى من مصدر (
محراب وحوريب التي هي محرام وحوريم ومعناها جميعها المقدس ).
لقد انتشرت لفظة ارام في هذا القرن على ايدي المستشرقين الذين وجدوا في عمق
التاريخ مناطق عديدة تنسب الى ارام مثل -ارام النهرين وارام دمشق وغيرها ،
لكننا لا نستطيع ان نفهم هذا العدد الكبير من المدن والقرى الارامية الا
اذا قمنا بقارنة ذلك على الشعوب العربية في القرن العشرين حيث يوجد الاف
القرى التي تنسب الى جماعات القبائل العربية القاطنة فيها مثل - عرب
اللقلوق وعرب شكا وعرب وادي خالد وعرب الدنادشة ...الخ . وندرك بعدها ان
هذه التسمية كانت تطلق على القبائل الارامية ( العربية ) التي كانت تقطن
هذه المدن للتفريق بينها وبين القبائل التي استقرت في هذه المدن منذ زمن
اطول لتشكل منها السكان الاصليين للمدن فتفرق بينهم وبين السكان المرتحلون
اليها حديثا . يذكر التوراة ان العبريين ايضا هم من اصول ارامية حيث يقول
عن ابراهيم ( آراميا تائها كان ابي فتغرب في مصر واصبح امة كبيرة) ،
والتوراة مليئة بالقصص عن ابوة الاراميين لكل العبريين ، وبالتالي فان
عروبة اسماعيل و ( اراميته ارابيته ) تعود الى ابيه ابراهيم . وهذا يطابق
الواقع حيث ان ابراهيم واولا ده اسماعيل واسحق سكنوا في ( بيت الله الحرام )
لمدة غير معروفة من الزمن يتبين لنا الان ان الاراميين احتفظوا بلهجتهم
زمنا طويلا جدا جدا يمتد الى عصرنا الحاضر في اللغة العربية ( بلهجة قريش )
وهذا يجعل التاريخ الديني مطابقا للتاريخ العلمي ولا يبقى في انبياء الله
شك الا عند كل مستكبر عنيد . ان انتشار اللغة الارامية في الالف الثانية
قبل الميلاد وفي اللالف الاولى قبله وعند ميلاد المسيح ثم ان انتشار
العربية بعد الاسلام امر واحد لا ينفصل يتمثل في تلك النفحات الالهية
والنبوة المتجددة .
انتشار الارامية
لقد وصلت اللغة الاارامية كما يقول المؤرخون الى الهند و ارمينيا ، وهذا
الامر نراه بشكل جديد وواضح في اسماء ارامية وعربية موجودة في الهند مثل
اسم ( بيرام ) ، وهذا الاسم الهندي هو صيغة محرفة لـ ( ابراهيم ) حيث
يمكننا ن نرده الى ( بي راحم ) ابو الارحام الذي هو ابراهيم خليل الله ،
وديانة الهند ايضا كما نعلم ليست سوى اقتباس اما للدين الابراهيمي الحنيف
اوللمسيحية ، وناخذ طائفة تسمى ( السيخ ) وهي صيغة محرفة لكلمة ( النسيخ )
وهي تتمثل في عقيدة التناسخ ، وكهنة هذه الديانة يسمونهم (الخلسا ) وهي من
مصدر كلمة ( الخلصاء ) العربية وهم يمثلون الصورة الحقيقية للمؤمنين (( حيث
تمتزج الواجبات الدينية والاجتماعية بالسياسة ايضا في نظام واحد هو نظام -
الخلسا )) -تسمى معابد السيخ (( جور دوارا )) ومعنناها الادوار المجاورة
حيث يلتقي الخلسا بالسيخ وهم عامة الشعب حيث يقوموا بقراءة كتبهم المقدسة
،(3) ويلفت نظرنا ايضا اسم ذلك النهر ( يا مونا ) الذي احرقت جثة غاندي عند
ضفته ، وهذا تعبير عربي صرف لكلمة بحرنا ( يمنا ) ، ناهيك ان هذا التعبير
موجود في بحيرات وانهار وبرك وبحار في كل البلاد العربية بدا من اليمن (
يما - بالتنوين ) في اقصى الجنوب وصولا الى بركة اليمونة في لبنان الشام (
الشمال) على الساحل السوري. ان المسافة بين الهند وسوريا والجزيرة العربية
واليمن ، ثم المسافة بين كل شعوب الارض تختصرها تلك اللغة المقدسة (
الارامية- الاربية - العربية ) لقد لفظ غادي كلمة اخيرة قبل موته هي ( اي
رام ) يعتبرها الهنود نداء الى الله ، ويطابق لفظها لفظ اجداد غاندي من
الاراميين العرب بعد الابدال الجائز في اللغات السامية بين الميم و الباء
لتصبح ( اي راب ) ومعناها ( يا رب ).
يقول الاب اسحق سكا في معنى التسميات للشعوب السامية وفي تاكيد رايه ان
الاراميون هم السريان (( ضبط اللفظ : الاراميون السريانيون قبائل سامية
شمالية ترتقي في نسبها الى ارام واشور ابني سام بن نوح ))-(4) ويقول (( ان
لفظ ارام بالعبرية معناه ( المرتفع) و كان الااراميون مثل العرب يتالفون من
قبائل ))- لقد سلط الاب سكا الضوء في هذه المقولة على كلمة ( مرتفع ) مما
جعلنا نستدرك اصلها في كلمة ( رابية = رامية - رامة ) وفي هذا الابدال
تنتقل الكلمة العبرية الى العربية ، وفي العلاقة بين كلمة ( سام ) و( مرتفع
) و بين كلمة إسراء و بين رام و رب التي تعني العالي ايضا . (( لقد اثبت
ابن حزم ان العربية والسريانية والعبرية كانت في قديم الزمان لغة واحدة ،
وعن طريق الهجرة تفرق الشعب السامي في بلاد شتى ، وبتاثير البيئة كانت لغة
كل قبيلة تتعرض للتغيير الا انها بقيت متقاربة لفظا ومعنى فالعربي
والعبراني والارامي كانوا يتفاهمون بدون واسطة ولا ترجمان بما يشبه حال (
اللهجات ) العربية العامية المنسوبة الى الفصحى في عصرنا الحاضر)) (5)
الحاميون الشرقيون - العرب الذين استوطنوا وادي النيل (6) يقول جرجي زيدان
في كتابه ( طبقات الامم والسلائل البشرية ) الصادر عن دار التراث بيروت وهو
يصف بعض الاجناس البشرية (( الحاميون الشرقيون هم المصريين القدماء
وبقاياهم الاقباط . والبجة بين النيل والبحر الاحمر والدناقيل بين الحبشة
وخليج عدن والصومال والغالا والماساي والواهوما او وهيمة المنبثون بين
البانتو حول خط الاستواء ))- ص 225 ويقول ان كل هذه الشعوب هي من الجنس
القوقازي الذي ينتشر في غرب اسيا وشرق افريقيا واوروبا ، و هذا ما يؤكد ان
الاراميين اجداد هؤلاء الشعوب هم الجنس القوقازي نفسه ، بل مما يؤكد ايضا
نسبهم جميعهم الى آدم .
(( اما البجة ومنهم الهدندوة والبشارون والاشراف والعبابدة وغيرهم فيقال
انهم قدماء قد سماهم هيرودوتس ماكروبي ( مك- ربي ) لاحظ الشبه في
التسمية يبن مكارب في اليمن الذين يصح ان نقول عنهم ان اصلهم من مكة او (
المقربين- وما كان يطلق على اهل مكة في العصور القديمة - مكروبي ) ، مما
يدل ان هيرودوتس كان دقيقا في نقله للاخبار حين قال (( والمكروبي هم بدو
رحل يطوفون الجبال ويحرسون القوافل او يقطعون السابلة من قديم
الزمان....ملامحهم اوروبية لونهم برونزي بلون الشوكولاته الفاتح شعورهم
جعدة طويلة يقضون ساعات في تصفيفها ))-ص 226- وهذا اللون البرونزي هو الذي
ادرج عليهم وعلى جيرانهم في حوض البحر الاحمر اسم ( الحمر ) او ( الاموريين
) ، ومنها حمير و قان ( قانن ) وقينان وكنان ( كنعان ) وكينيا وبونيقي (
بوني ) او فونيقي او فينيقي في عصر مجاورتهم لليونان . (( والدناقيل ( لاحظ
الشبه بينها وبين ادنى او داني بمعنى المنخفض ) ...يقيمون بين البجة
والصومال والغالا في الجنوب وكلاهما من الجنس القوقازي اللطيف ولعل بعض
ملامح هذه الامة الحامية قد خالطها من الدم العربي او الزنجي ....الانف
مستقيم اعقف قليلا الجبهة مستديرة والعيون كبيرة نوعا ما مع غور قليل وهم
قوقاسيون رغم سواد بشرتهم ))..(( والغالا اكثر عددا من سائر الشعوب الحامية
الان ويعدهم اهل البحث ارقى عقلا وادبا من الصوماليين والدناقيل ( صمويل
ودان ) ونسب اليهم بعض الباحثين دينا توحيديا تخالطه الخرافات ))....(( وقد
انتشر الاسلام والنصرانية بينهم تغشاها خرافات الارواح والميثولوجيا
وعبادة الاشجار والحيوانات والارواح )) - ص 227 (( وكذلك الماساي ( قد يكون
اسمهم نسبة الى موسى ) لكن عبادتهم ارقى قليلا وهم بدو يتنقلون في الجبال
المنبسطة بين بحيرة فكتوريا نيانزا ووادي ( وهاد ) الرفت العظيم يخالط
معتقداتهم اسماء بعض اباء التوراة ، كقايين وهابيل وابراهيم )) - ص 227 ((
المصريون القدماء قوقاسيون اسسوا في وادي النيل اقدم تمدن... والاقباط
خلفاء المصريين وقد تعربوا بعد الاسلام ( كما يقول) واحتفظوا بنصرانيتهم
على مذهب الطبيعة الواحدة ( بل يمكننا ان نقول اليوم بعد ابحاث الباحثين في
العصر الحديث انهم كانوا وما زالوا عربا مع بعض العجمة في لغتهم وما زالوا
في مكانهم مع احتفاظهم بنصرانيتهم وطقوسهم حيث ان المسلمين لم يجبروهم على
تغيير اي شيء من معتقداتهم ) ........)) -ص 225 ان لباس وازياء سكان
الصعيد المصري والسودان وقسم من ارتريا والحبشة انما تذكرنا بموسى عليه
السلام وعصاه وتجعلنا نعتبرهم من اولاد ابراهيم ( الارامي ) ومن العرب (
الارام -الاراب ) الذين تغربوا في مصر كما تذكرنا بقول التوراة عن ابراهيم
عليه السلام مرة جديدة (( اراميا تائها كان ابي فتغرب في مصر واصبح ا مة
كبيرة)) .
ان بعض العلماء يعتبر اهل المغرب العربي امتدادا لانتشار اهل الجزيرة
واليمن في شمال افريقيا وقسمها الشرقي وهذ يفسر العلاقة المستمرة بين
الحضارة الفينيقية التي انتشرت في شرق المتوسط وشمال افريقيا والاندلس ،
كما يؤمن البعض ان الاراميين انتشروا من الهند الى غرب اوروبة وهذا ايضا
يجعل نقطة الانتشار لكل الشعوب ( العربية = الارابية = الارامية) من
الجزيرة العربية ويجعل امتدادها الى كل اوروبا وشمال افريقيا وايران والهند
وتركستان ، كما يجعل كل هذه الشعوب بما لها من ملامح مختلطة تلك التي اطلق
عليها العلماء اسم ( الجنس القوقازي ) وهو الذي يسميه الرسول الكريم (
الاحمر أو الابيض ) فمن هذا النوع الانساني يشتد سواد الذين سكنوا في حر
الشمس ( والحميم ) ليطلق عليهم اسم ابناء ( حام ) ، ومنهم ايضا يشتد بياض
الذين سكنوا في ظل الشمس بعد هجرتهم من الجزيرة العربية الى القطب الشمالي و
سكنهم لفترة من الزمن غير محدودة ( في القطب الشمالي ) حيث اطلق عليهم اسم
ابناء يافث ( وهي من مصدر هافت او خافت للدلالة على العرق الاصفر ، فصغر
حجم عيونهم و تغير لون بشرتهم ) ثم عادوا واستوطنوا شرق اسيا فاختلط اللون
الاصفر الذي اكتسبوه بعدم تعرضهم للشمس خلال فترة سكنهم عند القطب بلون
لفحة الشمس الذي اكتسبوه بعد هجرتهم الى المناطق الدافئة. من هنا يمكننا
التوصل الى تفسير علمي دقيق لما جاءت به الكتب المقدسة ولما اورثتنا اياه
الانبياء والعلماء من تقسيم لابناء نوح ( ابو البشر الثاني ) سام ، حام ،
يافث .
من هنا ايضا نفهم ان اسم سام الذي يعني ( شام ) او الشمال وهو عكس ( يمن )
التي تعني الجنوب ولا ندري اي المعنى اسبق اهو معنى ( يماً - يممن بالتنوين
لمعنى البحر ) ام هو معنى الجنوب خاصة وان سكان اليمن وعمان (
عوما-بالتنوين ايضا من عام يعوم ) هم ( شعوب وسط البحر) مما يطابق اسمهم
على الصفة التي كانت تطلق عليهم قديما شعوب وسط البحر لان بلادهم تقع في
شبه جزيرة العرب التي يحيطها البحر من جوانبها ، وبالتالي فان كلمة سام (
شام ) قد تكون معنى جديد و حديث ايضا لما يسمى الشمال نظرا لوجود ابناء سام
في المنطقة الشمالية من الجزيرة العربية وبالنسبة لاخوه حام .
واذا حللنا تاريخ الشرق القديم وقارناه مع قصص العرب القدماء وجدنا
الاراميون هم العرب العاربة ( المرتحلة لرعي الماشية ) واليقطانيين و
القحطانيين و الفينيقيون ( الكنعانيون ) هم العرب المستعربة ( الذين
ارتحلوا بسبب القحط ) ، كما ان ارام ويقطان في الكتاب المقدس يمثلان مجتمعي
البدو والحضر فارام هو التسمية للناس المتنقلون - ويقطان هو تسمية
للقاطنين المستقرين في القرى ، كما ان ( قنعان ) هو من المستقرين القانعين
في بلادهم و مدنهم ، فالاراميون ( الارابيون- العرب ) المتنقلون مع مواشيهم
في طول البلاد وعرضها عبر الجزيرة العربية الى سوريا وصولا الى ايران (
البختياريون ) وعرب بخارى في وسط اسيا في الشمال ووصولا الى ارمينيا و من
جهة اخرى وصولا الى ارتريا ومصر والسودان والحبشة و كينيا عبر بوابة وادي
الرفت العظيم في الجنوب . اما يقطان فكان يمثل كل القاطنين في القرى والمدن
من الذين تخلوا عن الترحال والتجول واعتمدوا صيد البحر والبر والتجارة .
وكما ان عدنان هم سكان المنطقة العدنانية ( الخضرة ) من المقيمين فيها
للزراعة والمتجولين سعيا وراء الخضرة للرعي، فان قحطان يمثل اولئك الذين
يقطنون في القرى التي تقع على حدود القحط والتي تعيش في اغلب اوقاتها على
الصيد ( البري والبحري) . بالتالي فان ابناء سام وابناء حام اقوام عديدة
منهم العدناني ومنهم القحطاني ومنهم القنعاني ومنهم اليقطاني وجميعهم في
الاصل هم الاراميون ( الارابيون ) المتنقلون في اول عهدهم قبل الاستقرار .