أمريكا والقاعدة في جزيرة العرب / الانتحار المحتم

أمريكا والقاعدة في جزيرة العرب / الانتحار المحتم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

لا يخفى على أحد اليوم عمق المأزق الذي تمر به أمريكا بعد أن كبدها المجاهدون خسائر فادحة على كافة الصعد والمستويات ومسلسل استنزاف قوة أمريكا لا يزال يتفاعل ويتصاعد وكل المؤشرات تدل أن أمريكا تسير اليوم نحو المجهول فقد بدأت تفقد السيطرة على مكامن قوتها التي سيطرت بها وتجبرت على العالم ولا شك بأن لأحداث الحادي عشر من سبتمبر المباركة الفضل الأكبر في ذلك وقد أقر الأمريكان أنفسهم بهذه الحقيقة التي حاولوا إخفاءها بادئ الأمر لكنهم اضطروا للاعتراف بها بفعل توالي النكسات التي هزت بنيان أمريكا وعلى كل صعيد بعد أن سقطت ا في مستنقع أفغانستان والعراق وتكبدت خسائر فادحة في الجند والعدة والعتاد والذي أثر بدوره تأثيراً كبيراً على اقتصادها الذي بدأ يتأرجح منذ اليوم الأول لأحداث سبتمبر المباركة والذي كان أحد أهم أسباب تعميق تداعيات الأزمة المالية التي مرت ولا تزال تمر بها أمريكا .

وبنظرة بسيطة على واقع الخسائر الأمريكية بعد أحداث سبتمبر وما تلاها يلحظ المرء النتائج الكارثية التي تعرضت لها أمريكا ولا تزال :

تتحدث التقارير بأن العجز في الموازنة الامريكيه الذي وصل الى 428 مليار دولار خلال عام 2006 بعد ما كان الفائض يبلغ 526 مليار دولار في العام 2000 في أواخر حقبة بيل كلينتون

كما حدث تسريح للآلاف من العمال ؛ حيث بلغ حجم تسريح العمال في قطاع النقل الجوي وحده في الأسبوع الأول التالي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر نحو 100 ألف وظيفة ، علاوة على أن عملاقة صناعة الطائرات ( شركة بوينج) أعلنت الاستغناء عن ثلاثين ألف موظف يمثلون ثلث العاملين في قطاع تصنيع الطائرات المدنية بالشركة ، وتوقع " جوردون بيتون " رئيس شركة كونتينتال أن يفقد ما بين 100 - 200 ألف موظف يعملون بشركات الطيران وظائفهم بسبب أحدث سبتمبر وتداعياتها ، كما توقع عدد من المحللين أن تتجاوز خسائر قطاع النقل في الولايات المتحدة الأمريكية مبلغ سبعة عشر مليار دولار وأفلست مجموعة كبيرة من الشركات الأمريكية ، قدرت ب 60 ألف شركة وقد تم تسريح ما لا يقل عن 140 ألف عامل أمريكي في الفترة نفسها ، وفقًا لتقرير صحيفة " وول ستريت جورنال" ، وما زال مسلسل الانهيارات والإفلاسات مستمرًا حيث سجل قطاعا الطيران الأمريكي ، والتأمين أعلى معدلات الإفلاس والتسريح للعمال

-نسبة ارتفاع العجز التجاري يقدر بـ 25% خلال العشر سنوات الاخيرة كما ذكرت احد التقارير الاقتصادية

-بلغت تكاليف الحرب على العراق وحتى عام 2008 ثلاث تريليون دولار وخسر بقية العالم نفس المبلغ الذي خسرته امريكا

تم إنشاء صندوق خاص لبرامج تساعد في مواجهة العبوات الناسفة منذ العام 2006 وتم توزيعه على النحو التالي
تم تخصيص مبلغ 3.3 مليار دولار2006
2008 تم تخصيص 4.3 مليار دولار
2009 تم تخصيص 3.1 مليار دولار
2010 تم تخصيص 1.8 مليار دولار
2011 مع تزايد الخسائر في أفغانستان تم تخصيص 3.3 مليار دولار.

-ذكرت وزارة شئون المحاربين القدماء أن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين منذ حربالخليج وحتى 2007 فقط بلغ 73 ألف قتيل. وقالت إن عدد المصابين في العمليات الحربية 1.6مليون مصاب. وقد قامت الوزارة بحذف هذه الإحصاءات فيما بعد لإخفاء حجم الخسارةالبشرية.

-والسؤال الذي يطرح نفسه الآن يقول : هل تقوى أمريكا على الدخول في مواجهة جديدة مع القاعدة في اليمن وهي لا تزال تلعق جراحاتها التي لم ولن تلتئم ؟! وهل مسألة دخولها في هذه المواجهة أمر تملكه وحدها وبكامل حريتها أم أنها ستجد نفسها مضطرة للدخول في حقل ألغام ملئ بالمتفجرات شاءت أم أبت ؟!

من المعلوم أن أمريكا انتهجت ولفترة طويلة سياسة خاصة في التعاطي مع أعدائها تقوم على الحرب بالوكالة بعد أن منيت بخسائر فادحة في حرب فيتنام وتكتفي هي بالدعم المادي والعسكري دون أن تدخل جنودها في مواجهة مباشرة وبالتالي تحفظ هيبتها وهيبة جنودها فها هي باكستان اليوم تقاتل المجاهدين من الطالبان وبخاصة في باكستان بالوكالة عن أمريكا وبالتالي يُقتل الجندي الباكستاني ليحمي الساسة في باكستان جنود أمريكا الذين صارت دماؤهم أغلى من دماء أبنائهم لكن أمريكا لم تستطع استخدام نفس السياسة مع المجاهدين في أفغانستان والعراق لا لإرادتها ذلك بل لأن القاعدة فرضت ذلك على الأمريكان مما اضطرها لإرسال جنودها وآلياتها هناك فإمكانات العملاء في أفغانستان والعراق لا تقوى أبداً على الوقوف في وجه المجاهدين بل ولا حتى قوة أمريكا وحدها مما اضطر الأمريكان إلى العمل على جمع أكبر تحالف في التاريخ لمواجهة المجاهدين فتحقق للقاعدة ما خططت له بجر أمريكا إلى مواجهات على جبهات متعددة يتم فيها استنزاف قوتها وتشتيت جهودها وتعميق جراحاتها ليقتل الجندي الأمريكي وتتمزق أشلاؤه بعد أن ظل محمياً لمدة طويلة يقوم جنود أذناب أمريكا وعملائها بدوره .

إن الواقع على الأرض يشير بل ويؤكد أن القاعدة نجحت وإلى حد بعيد باستنزاف قوة امريكا وباعتراف كبار قادتهم لدرجة جعلت من بترايوس لا يقوى على الوقوف عند استجوابه حول حقيقة الأوضاع عن الحرب في أفغانستان والعراق ولطالما سمعنا كبار قادتهم يتحدثون عن خسارة الحرب على المجاهدين معترفين بذلك أمام وسائل الإعلام في سابقة تاريخية لامبراطورية الشر أمريكا .

وفي ظل الواقع الذي تعيشه أمريكا اليوم فإنها لن تقوى على الدخول في مواجهة جديدة مع المجاهدين وها هي تحاول جاهدة دعم ما يسمى حكومة الصومال لمواجهة حركة الشباب المجاهدين وحرضت دول الاتحاد الإفريقي وبخاصة أثيوبيا وأوغندا لقتالها في حرب بالوكالة عنها وهي ترقب الوضع عن قرب خشية تدهور الأمور للدرجة التي قد تستدعي تدخلها المباشر وهو ما أظن أنه سيحدث إن عاجلاً أم آجلاً مع التنامي والتصاعد في تقدم حركة الشباب واتساع نفوذها وسيطرتها على الأرض .

أما عن الوضع في اليمن فإن أمريكا لا زالت تضغط على الأسود العنسي وآل سلول لمواجهة القاعدة هناك ووصل التدخل السعودي لدرجة أن ذنب أمريكا السلولي محمد بن نايف قد أصبح وزير الداخلية الحقيقي لليمن والذي جعل من أولوياته المطلقة مواجهة المجاهدين مما دعا القاعدة لإرسال الاستشهادي أبي الخير العسيري الذي استطاع الوصول إلى مكتبه في الرياض ليدب الرعب في قلبه لكن إرادة الله شاءت أن يصاب كلب آل سلول ولا يقتل .

إن الناظر للطريقة التي تنتهجا القاعدة في جزيرة العرب يعي أنها تسعى بكل جهدها لجر الأمريكان إلى مواجهة داخل اليمن وما إرسال النيجيري الفاروق عمر بعبوة ناسفة إلى أمريكا ثم الطرود المفخخة إلا أكبر دليل على ذلك فكلتا العمليتين كلفتا أمريكا الملايين التي أنفقتها لتشديد الرقابة على كل ما يدخل أمريكا فالأمر لم يعد يتوقف على استشهادي يحمل عبوة ناسفة لا تستطيع أجهزة الكشف الحديثة اكتشافها ليصار إلى العمل على إيجاد أجهزة ذات كفاءة أعلى تكلف الملايين تكون لها القدرة على كشف عبوات القاعدة فكل ما يدخل أمريكا وسفاراتها في العالم قد يكون مرسلاً من القاعدة في اليمن مما يعني أن أمريكا في ورطة كبيرة لا تحسد عليها وأن باب الإنفاق على الأمن سيفتح على مصراعيه وبأن جيوب الأمريكيين الخاوية ستتحمل مزيداً من الأعباء مما يعني امكانية حدوث تحولات خطيرة في الداخل الأمريكي الذي لن يقوى على احتمال المزيد من الأعباء الضريبية التي أثقلت كواهل الأمريكيين وهو واقع إن استمر وأظنه كذلك سيجعل أمريكا بين خيارين أحلاهما مر :

الخيار الأول : الاستمرار في الإنفاق على الأمن وإجراءاته دون الدخول في مواجهة مباشرة مع القاعدة في اليمن وهو أمر لن تقوى أمريكا ومواطنوها على احتماله وبخاصة إذا نجحت القاعدة في استهداف الأمن الأمريكي وأوقعت فيه خسائر مباشرة كتفجير سيارات أو قطارات وحتى طيارات توقع خسائر كبيرة في مواطني أمريكا وتفقدهم أمنهم (وفشل عملية النيجيري الفاروق عمر الظاهري) يؤشر لإمكانية نجاح غيره في إيقاع خسائر مؤلمة في الأمريكان فمجرد تجاوزه لكافة الإجراءات الأمنية وركوبه الطائرة التي حلقت فوق إحدى ولايات أمريكا يعد نجاحاً كبيراً للقاعدة وللعملية نفسها ولإمكانية تكرارها مرات ومرات ومصيبة أمريكا أن القاعدة في جزيرة العرب ذات نكهة خاصة أجمل ما فيها القدرة على الإبداع والابتكار ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما تخبئه في المرات القادمة لأمريكا وأذنابها لذلك أرجح أن هذا الخيار لن يطول وستضطر أمريكا مرغمة للدخول في الخيار الثاني.

الخيار الثاني : الدخول في مواجهة مباشرة مع القاعدة يسبقه ضربات جوية محددة وهو ما قامت به قبل مدة حين استهدفت مواقع في اليمن سقط فيها عدد من المدنيين وعدد من المجاهدين وهو أمر سيثير اليمنيين جميعاً ضد أمريكا مما يتيح للقاعدة العمل بحرية أكبر وبنفس الوقت سيسبب حرجاً كبيراً جداً للأسود العنسي وجنوده الذين قبلوا أن تنتهك سيادتهم حين سمحوا للأمريكان بانتهاك أجواء اليمن لضرب الموحدين والواقع العشائري لليمن سيساعد في ذلك دون شك مما يقوي شوكة القاعدة والذي سيضطر الأمريكان للقدوم بجنودهم لأرض اليمن التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :

(يخرج اثنا عشر ألفاً من عدن أبين ينصرون الله ورسوله ) وهو ما وفق الله تعالى به المجاهدين هناك إذ أعلنوا رسمياً عن تشكيل هذا الجيش الذي سيكون بإذن الله تعالى قاصمة الظهر لأمريكا وأذنابها .

أعتقد يقيناً أن القاعدة في جزيرة العرب ستنجح في إستدراج أمريكا وجنودها لأرض اليمن وحين نقول استدراج فإننا لا نعني أن أمريكا لا تعي خطورة إقدامها على هكذا خطوة لكننا نؤكد أن أمريكا ستكون ملزمة لفعل ذلك مرغمة عليه فهي اليوم كمن يبلع خنجراً مسموماً كيفما حركه عمق جراحاته إن تركت المجاهدين لن يتركوها وإن قدمت إليهم أثخنوها بالجراح وجراحاتها اليوم كثيرة وشرايينها تتقطع ودماؤها تسيل من كل أوردتها ولن تقوى على الاحتمال كثيراً .

إن نجاح القاعدة باستدراج أمريكا إلى اليمن يعني الكثير بالنسبة للقاعدة تحقق به أهدافاً عدة أهمها تحقيق المزيد من الاستنزاف للقوة الأمريكية المستنزفة أصلاً فقدوم أمريكا إلى اليمن يعني أنها تحتاج لإنفاق المليارات من اقتصادها المنهك أصلاً وهي فرصة لتشتيت قوة أمريكا وتفريقها وإفشالاً لمخططاتها في جبهات أخرى وبخاصة أفغانستان وباكستان والعراق وهي فرصة ذهبية لاستنهاض طاقات الأمة وبخاصة في منطقة الخليج العربي وستجد القاعدة مبررات أكبر لمواجهة كل من يقف مع أمريكا وبخاصة نظامي الأسود العنسي في اليمن وآل سلول في بلاد الحرمين .

قادم الأيام يخبئ الكثير لكنني مستبشر بأن القادم سيكون فيه الخير بإذن الله لأمة الإسلام التي ما شعرت بعزتها منذ فقد الخلافة إلا حين رأت بأم أعينها كيف أرغمت ثلة من أسود التوحيد أنف أمريكا في التراب وكانت سبباً رئيساً فيما آلت إليه امبراطورية الشر أمريكا التي باتت رجلاً مريضاً دب الوجع والألم في كل مفاصله ولم تعد حبات المسكن تجدي معه نفعاً .

أسأل الله تعالى أن يمكن لأسود التوحيد في كل مكان

اللهم احفظهم بحفظك واحرسهم بعينك التي لا تنام

اللهم عليك بأمريكا ومن حالفها

اللهم إن أمريكا طغت في البلاد وأكثرت فيها الفساد فصب اللهم عليها سوط عذاب

اللهم لا ترفع لها راية ولا تحقق لها غاية واجعلها للعالمين عبرة وآية .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .