اذاً ما لداعي للخوف على صنعاء؟
انها ارض خلقها الله كغيرها من الارض وستظل صنعاء هي صنعاء كما كانت بجبالها ومياهها وساكنيها.
اذا لماذا صنعاء اليوم ليست او لم تعد مناسبة ان تكون عاصمة؟
اولا اذ كانت صنعاء قد رأى الأحرار قبل الثورة أنها لاتصلح ان تكون عاصمة لان موقعها بين القبائل الحالمة في الحكم يجعلها موقع غير مناسب لإقامة دولة نظام وقانون لان محيطها لايسمح لها أن تترسخ فيها مبادئ الدولة بمعناها الحديث وهذه الملاحظة من احرار غالبيتهم من منطقة صنعاء قد ادركوا ذلك لدراستهم وتحليلهم للسلوك الاجتماعي المناسب لقيام الدولة في عاصمة بعيدة عن مخاطر عدم الاستقرار.
فالنظام القبلي حول صنعاء شديد التمسك بالاعراف القبلية التي لاتقبل في الغالب بمبادئ الدولة الحديثة من حيث الالتزام الدقيق بالنظم واللوائح التي تنظم الحياة بصورة تخالف في كثير من مبادئها الاعراف القبلية الراسخة.
لقد ادرك الاحرار ان صنعاء بعد تجربة ثمانية واربعين مكان غير مناسب لقيام الدولة حيث يدخل الداخل من حواليها الى شوارعها ومؤسساتها وهو يشعر انه لم ينتقل الا القرية المجاورة فلايستطيع تغيير سلوكه الى السلوك المدني والى النظام والقانون بل يعتبر من العار ان يأمره احد او ينهاه خاصة المشائخ والاعيان والوجهاء وتلقائياً تقلدهم الرعية في هذا السلوك ولهذا تعتبر مخالفة القانون امر طبيعي لان الالتزام بالقانون (الأوامر) يمثل تحديا على شخصية الفرد ومكانته في القبيلة.
ثانياً : صنعاء غير مناسبة ان تكون عاصمة للمستقبل حيث اثبتت الدراسات المتعددة انها مهددة بالجفاف وشحة المياه بل نحن اليوم غالبية سكان العاصمة نبحث عن قطرات الماء النادرة عبر الخزانات (الوايتات) المتنقلة ولا تغطي الشبكة سوى اقل من ربع حاجة السكان.
ثالثاً: صنعاء غير قابلة من الناحية الجغرافية والبيئية والمياه لاستيعاب بضعة ملايين اخرى كما هو متوقع للنمو السكاني.
رابعا: صنعاء من الناحية الأمنية للإدارة السياسية مكان غير مناسب حيث تعيش السلطة في خوف دائم من أي هجوم يستهدفها من قبل القبائل الحالمة في السلطة.
ولهذا تذهب إمكانيات البلاد في الإنفاق على امن السلطة وهو ما يلحظه المحلل للأوضاع، حيث بلغت أجهزة الحماية أعدادا غير مسبوقة في التاريخ من حيث الكم والكيف.
خامسا:صنعاء غير مناسبة لعدم إمكانية حل مشاكلها المتعددة، حيث لايمكن حل مشكلة المياه من خلال التحلية البحرية لأن ضخ المياه من مسافة مئات الكيلومترات باتجاه عمودي يتجاوز ألفين وخمسمائة متر أمر غير عملي أو اقتصادي وغير واقعي في إهدار موارد البلاد في ضخ المياه نحو السماء.
كذلك المشاكل الأخرى المتعددة التي ذكرناها لا يمكن حلها إلا عبر عقود طويلة.وهي مشاكل عرفتها صنعاء عبر التاريخ ولم تحل لاسباب يمكن التفصيل فيها في دراسات متخصصة
إذاً ما هو البديل لصنعاء كعاصمة لدولة يمنية حديثة ؟
ماهو المكان المناسب الذي تتوفر فيه :
1-الموقع المناسب الذي يجاوره غالبية الكثافة السكانية ويقع على بعد مناسب من حضرموت وصعدة وحرض.
2- تتوفر فيه البنية التحتية لقيام عاصمة لدولة النظام والقانون مناسب من حيث الجغرافيا والطبوغرافيا لاستيعاب اكبر عدد من السكان.
3-موقع مناسب لحل مشاكل المياه والبيئة.
4-مكان مناسب لترسيخ الوحدة اليمنية.
5-مكان مناسب الذي سكانه لا تشكل فيه أي منطقة جغرافيا أغلبية وانما يسكنها خليط من كل المناطق
6-مكان مناسب لجذب المستثمرين على المستوى الوطني والعربي والدولي.
7-مكان مناسب لتوطين غالبية السكان اليمنيين فيه وجعلهم قوة فاعلة لحماية أي تهديد لسيادة اليمن المعروف انها تسلب من خلال البحر.
أليست عدن هي المكان الأنسب والأصلح كعاصمة للدولة اليمنية الحديثة لما تتمتع به عدن من مواصفات تجعلها تحتل المرتبة الاولى في اختيارها كعاصمة لدولة النظام والقانون دولة اليمن الموحد دولة الوحدة الوطنية واليمنية.
* * *
ان عدن هي المكان الامثل لنقل العاصمة وبأسرع وقت وذلك للاسباب التالية :
اولاً : ان اختيار عدن كعاصمة للجمهورية اليمنية هو رد عملي لجعل الوحدة اليمنية راسخة ثابتة غير قابلة للجدل والتهديد بإعادة التشطير وهو دليل عملي على حرص السلطة على الوحدة بالأفعال لا بالأقوال.
ثانياً :عدن المكان الأمثل في اليمن الذي تتوفر فيه البنية التحتية والكوادر البشرية المؤهلة والثقافة المجتمعية القابلة لقيام دولة النظام والقانون بل ستكون المدرسة لجميع اليمنيين لتعلم النظام عندما يتقاطرون اليها من مسافات تفصلهم عن الفوضى مئات الكيلومترات وهو ماهو ملاحظ عن اليمني عندما يغادر الى دول الجوار كيف يصبح منضبطا نتيجة لبعده عن عوامل الفوضى فلتكن عدن مدرسة النظام بدل دبي لكل يمني بل ستكون عدن ام المدائن في جزيرة العرب.
ثالثاً :عدن المكان الانسب لاي توسع عمراني كما هو متوقع لعاصمة اليمن.
رابعاً : عدن المكان الانسب للكثافة السكانية القريبة منها وتقع على بعد متساوي من المكلا وصعدة وحرض(حولي 600كم).
خامساً :عدن مكان مناسب من حيث توفر المياه او تحلية المياه لاي زيادة سكانية مهما كانت التوقعات
سادسا :عدن يمكن ان تستوعب نصف سكان اليمن في امتداها على ساحل ابين من زنجبار وباتجاه لحج الى الحوطة وباتجاه باب المندب كمناطق قابلة للتوسع العمراني وللصناعة وللسياحة بل ان سكان المناطق الجنوبية الجبلية في ابين والضالع ولحج والذين تشكل توفير البنية التحتية من مياه ومدارس وطرقات وصحة مشكلة كبرى صعب حلها لترسيخ الوحدة اليمنية حيث تشتت سكاني وبيئة وعرة يمكن نقل هؤلاء بأقل تكلفة الى العاصمة عدن حيث ان نقل غالبية سكان المحافظات الجنوبية الى العاصمة حيث تقدر تكاليف توفير السكن ولو مجاني مع البنية التحتية قرابة عشرة مليار دولار يمكن توفيرها خلال عشر سنوات وحل مشكلة السكان والوحدة في ان واحد
سابعاً : عدن المنطقة اليمنية المثلى المرشحة الوحيدة للتطور الاقتصادي والصناعي لما تتميز به من موقع وسمعة محلية واقليمية ودولية.
وما يحدث اليوم في باب المندب من تهافت عالمي ما هو الا مؤشر ينبغي على السلطة ان تبادر الى دفع الشعب اليمني للتوطن في عدن وحواليها قريبة من باب المندب لاستغلال فرص النجاح الاقتصادي وللدفاع عن سيادة اليمن التي لم يعرف انها انتهكت عبر التاريخ الا من خلال البحر.
التوطن على السواحل اهم ضمانة لاستقلال واستقرار اليمن.
ثامناً :عدن المكان الأنسب لأمن السلطة السياسية واستقرارها وتطورها وبذلك يمكن خفض النفقات الامنية في البلاد الى ثلث ماينفق حالياً حيث ستصبح الادارة السياسية(السلطة) بكل مكوناتها التنفيذية والتشريعة والقضائية في مأمن من القوى الحالمة بالسلطة اوالرافضة للنظام والقانون.
تاسعاً :نقل الثقل السياسي والسكاني والاقتصادي الى عدن يصنع لليمن مكانة إقليمية كبيرة كون عدن تحتل موقعا استراتيجيا للملاحة الدولية.
عاشراً :عدن ستريح سكان العاصمة الحالية صنعاء من معاناة حالة الطوارئ التي تتعرض لها صنعاء كلما تحرك الرئيس فيها لاي سبب هام او غير هام.
الحادي عشر :انتقال العاصمة الى عدن لن يؤثر لا على صنعاء ولاعلى المحافظات القريبة منها لا من حيث الجانب الاقتصادي ولا الخوف من النزعات الانفصالية او التهديد الخارجي لهذه المحافظات.
هذه ورقة نقدمها حرصاً منا وحباً في تطور بلادنا واستقرارها ووحدتها والرفع من مكانتها اقليمياً ودولياً
راجين من كل القوى الوطنية احزاب ومفكرين وقادة الرأي في المجتمع ومشائخ يهمهم مصلحة البلاد الاطلاع على هذه المبادرة او الورقة الوطنية ان يبدوا عليها ملاحظاتهم بموضوعية وبمنطق علمي بعيدا عن العاطفة أو المكايدة أو التعصب الأعمى لمنطق غير سوي، وللمبادرة بنود اخرى ستقدم في الوقت المناسب إنشاء الله.
الدكتور /عبد القوي هائل الشميري
ناس برس
عدالة توزيع القوى في مشروع الإصلاح السياسي.. عدن عاصمة لليمن بدلاً عن صنعاء